Thursday, December 15, 2011

مرايا الكشرى.. دليل السياسى المصرى إلى شعبية جماهيرية - خالد البرى

التيار الإسلامجى يتعرض لحملة ظالمة من بعض التيارات العلمانية الشعبوية، تصفه فيها بأنه أداة فى يد أمريكا (وبالتالى إسرائيل) لكى تنفذ مخططاتها فى المنطقة. هذه الحملة تعتمد على رص أفكار غير متسقة، إلى جوار بعضها البعض، وصولا إلى نتيجة غير منطقية بأن التيار الإسلامى «فى خدمة» أمريكا. وليس هذا صحيحا أبدا. حتى إن تلاقت المصالح عند نقطة معينة فإن هذا ليس صحيحا.
التيار الإسلامجى يتعرض لحملة ظالمة وضع هو أسسها. فهو أيضا يتهم مخالفيه السياسيين بأنهم عملاء فى يد أمريكا (وبالتالى إسرائيل)، لكى تنفذ مخططاتها فى المنطقة، سياسيا وقيميا وأخلاقيا (!). حملته ضد القوى السياسية المواطنية تعتمد على رص أفكار غير متسقة، إلى جوار بعضها البعض، وصولا إلى نتيجة غير منطقية بأنك إن لم تكن إسلامجيا فأنت خائن حتى يثبت العكس. (انظر بالله عليك المقال الرائع لمحمد خير عن فهمى هويدى فى صحيفة «التحرير» عدد أمس).
الكشرى وجبة مصرية فيها تركيبة غير منطقية من أرز ومكرونة ومتبلات وفواتح شهية، وفيها قليل من الفائدة فى بقوليات العدس. بمرور الزمن تراجعت الفائدة، وانخفضت كمية العدس انخفاضا مضطردا، حتى نستطيع الآن أن نحصى حبات العدس فى الطبق. لكننا اعتدنا على طعم الكشرى، صار مألوفا، وما دمت اعتدت على طعم شىء، ما دام قد صار مألوفا، فلن تعود لتسأل عن كم الفائدة فيه، بالعكس، لقد صرنا نفضل الكشرى قليل العدس. هل بمقدور إنسان أن يقيم ولى نعمته تقييما موضوعيا؟!
الكتاب المألوفون، من الإسلامجيين والعلمانيين الشعبويين، الذين ينتمون جميعا إلى عصور سابقة، يركبون أفكارهم بطريقة غير منطقية، فيها كثير من الكربوهيدرات اللغوية عديمة الفائدة، مع بعض المقبلات المشاعرية، وقليل قليل من المعلومات المفيدة التى انخفضت عبر أعمارهم المديدة انخفاضا مضطردا، حتى صرنا نبحث عنها بحثا فى مقالاتهم الحالية. لكننا اعتدنا على وجوههم وأسمائهم، صارت من النوع المألوف. وما دمت اعتدت على طعم شىء، وما دام قد صار مألوفا، فلن تعود لتسأل عن كم الفائدة فيه، بالعكس، لقد صرنا نفضل المقالات الخفيفة. هل بمقدور إنسان أن يقيم «النجوم» تقييما موضوعيا؟! الشعبويون من العلمانيين يصفون الإسلامجيين تارة بأنهم سيفتحون علينا أبواب الجحيم بحروبهم المقدسة التى ستبدأ ولن تنتهى، ويخوفون الغرب بأنهم لو وصلوا إلى السلطة فلن تعرف المنطقة استقرارا. ثم يعودون فيصفون الإسلامجيين تارة أخرى بأنهم سيكونون فى خدمة المشروع الأمريكى الصهيونى (يا مثبت العقل والدين).
الإسلامجيون يصفون الجلسات السياسية المعلنة لبعض القوى المدنية مع دبلوماسيين أمريكيين وغربيين بأنها مقدمة لارتماء مصر فى حضن الغرب، لكنهم يصفون اتصالات الأمريكيين بإسلامجيين بأنها نصر من الله (يا مثبت العقل والدين).
الإسلامجيون يدعون بأنهم سيكونون شوكة فى حلق إسرائيل، وفى حلق أمريكا، وفى حلق الشيوعية الملحدة، وفى حلق الرأسمالية المادية، وفى حلق الشيعية السياسية، وفى حلق العلمانية، وفى حلق الليبرالية. سيقيمون علاقاتهم مع الدول وفق أحكام الإسلام. هذا معناه، فى ضوء الأدبيات المتوافرة منهم حتى الآن، إقامة علاقات طيبة مع ديار الإسلام، وعلاقات عداوة مع «ديار الحرب»، ومعاهدات محددة الأجل مع «أهل العهد»، حتى ينكصوا بعهدهم (والمفترض أن تأييد أى منهم إسرائيل على حرب المسلمين الفلسطينيين نقض للعهد يحتم انتقال تلك الدول إلى خانة «ديار الحرب»). ويكرهون البرادعى، ويرفضون عبد المنعم أبو الفتوح، لأنه خرج عن الإجماع، لكنهم يحبون المجلس العسكرى (!!!!!).
العلمانيون الشعبويون يكرهون أمريكا ودول الغرب، لأنها تؤيد إسرائيل، وبسبب التاريخ الاستعمارى، ويكرهون جنوب السودان لأنها تقيم علاقات مع إسرائيل، ويكرهون تركيا لأنهم أحفاد العثمانيين، ويكرهون إيران لأنها دولة ملالى، ويكرهون السعودية لأنها وهابية، ويكرهون الخليج لأنه ملكى، ويكرهون الأكراد لأنهم يفتتون الدول العربية. ويكرهون البرادعى لأنه وافد بلاد بره، ويكرهون عمرو موسى لأنه وارد النظام السابق، لكن منهم من يحبون المجلس العسكرى لأنه حائط الصد ضد الإسلاميين، ومنهم من يكرهونه لتخاذله أمام إسرائيل (!!!!).
الكشرى طبق مصرى فيه أرز ومكرونة وبعض العدس، وفيه بصل وصلصة وتوم وخل وشطة. محلات الكشرى هى الأكثر شعبية فى مصر. من شعارات محبى الكشرى: «اللى مايحبش الكشرى يروح يشوف بلد تانية يعيش فيها».
يا شباب، عايزين نقلب طبق الكشرى ده، ونعمل واحد جديد، متوازن، ومفيد، وماينفخش البطن، حتى لو ماكانش ليه شعبية فى البداية، حتى لو خد مننا عشرة ولا عشرين سنة على ما يكمل. إحنابنبنى جسم أمة، مش بنسد جوعها بأى كلام علشان تنتخبنا وترجع تلعن سنسفيل اللى جابوناا.

No comments: